جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
76694 مشاهدة
النصيحة للرسول

...............................................................................


أما النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيدخل فيها أيضا النصيحة للرسل كلهم، ولكن نبي هذه الأمة على الأمة له حقوق؛ سواء كانت مختصة بحياته أو بعد موته، أن له عليهم حقوق أداؤها يكون من صدق النصيحة؛ فمن ذلك الإيمان برسالته كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا الإيمان به يعني التصديق بأنه مرسل من ربه.
ومن ذلك محبته قال -صلى الله عليه وسلم- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما أي تقدم محبته على محبة النفس والمال والأهل. ومن ذلك طاعته كما في قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ومن ذلك اتباع شريعته, اتباعه لما بلغه يقول تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي اتبعوا سنته.
ومن ذلك تقبل ما جاء عنه قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وكذلك التأسي به قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة أي اجعلوه قدوتكم، ثم قد يكون هناك حقوق له تختص به في حياته.
ولكن قد يدخل فيه تعظيم سنته مثل قول الله تعالى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هذا ليس خاصا بحياته، بل إذا جاء أمر الله وأمر رسوله فلا يجوز لأحد أن يقدم بينهما، أن يتقدم قبل أمر الله وأمر رسوله كذلك قول الله تعالى: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قد يقال: إن هذا خاص بحياته، ولكن روي أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: لا ترفعا أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان بعض الصحابة وبعض السلف، يقول: إن رفع الأصوات والتشويش على من يقرأ الأحاديث والسنة النبوية يدخل في الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي، فيكونون بذلك قد عصوا وخالفوا ما أمر الله به، كذلك قول الله تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا أمرهم بأن لا يقولوا يا محمد بل يقولوا يا رسول الله، لا يدعوه باسمه، ولو كان اسمه الذي هو العلم والذي سمي به، ولكن تميز بهذه الصفة، فلا تجلعوا دعاءه كدعائكم أي كدعائكم بأسمائكم، ادعوه بما تميز به.
فالحاصل أن النصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل فيها تعظيم سنته، وكذلك أيضا احترامه في حياته واحترام سنته وأقواله بعد مماته.